إن الوفرة في هذا العالم تجعل الحياة أكثر سهولة وأكثر يسراً وتساهم وتساعد في تطور عالَمَيْ الفكر والروح لدى الإنسان. وهذا هو السبب الذي يجعل الإنسان ينطلق في تأملاته وفي أفكاره مما يجعله أكثر شكراً وامتناناً وقرباً من الله.
إن آلاف النعم التي تجود بها الطبيعة مثل التربة والمطر والشجر يجب احترامها وتقديرها لأنها أساس المجتمع الإنساني. "شجرة الفيض" و "شجرة الحياة" اللتين يمكن رؤيتهما في جميع الحضارات الإنسانية ماهما إلا مؤشرات وتعبيرات عن شكر الإنسان وامتنانه للذات الإلهية.
تصنع "شجرة الفيض" بأخذ غصن من شجرة زان أو شجرة سنديان أو شجرة عَرْعَرْ ويجري تزيين الغصن وزخرفته بمختلف الزينات والزخارف المشغولة يدوياً. وهناك شكل آخر "لشجرة الفيض" ألا وهي شجرة النخيل. هذه الشجرة كانت من ضمن تقاليد القصر الأمبراطوري العثماني وهي في الأساس تعبير عن "شجرة فيض". ويقول المؤرخون أن شجرة النخيل، التي كانت تستعمل عادة في الأعراس أيام السلطنة العثمانية، جرى استعمالها في احتفالية ختان ابن السلطان أحمد الثالث وكانت بطول 25 متراً.
من ناحية أخرى فإن "شجرة الحياة" ترمز من ناحية إلى الحياة على هذه الأرض بجذورها القوية الملتفة في أعماق الأرض، وترمز من ناحية ثانية إلى الحياة الثانية الخالدة حيث تقابل الروح الإنسانية خالقها وذلك بغصونها الممتدة التي تعانق السماء.
لدى وصفه لإحتفالات النخيل في عهد السلطان أحمد الثالث، كتب المؤرخ وهبي في مدوناته أن المعماريين والكتبة كانوا يزورون المنازل لتعويض أصحابها عن الخسائر التي كانت شرفاتهم ومقصوراتهم تصاب بها جراء نقل شجر النخيل عبر الأزقة والشوارع الضيقة لاستعمالها في الإحتفالات، وكانت تلك التعويضات تدفع فوراً لأصحاب تلك البيوت.
هذا، وحتى وقت متأخر، جرت العادة أن يجتمع العريس والعروس، لدى زواجهما، تحت شجرة نخيل ليتمنوا أن يمن الله عليهما بالوفرة والحياة السعيدة.
هذه التقاليد تذكرنا بالفيض والوفرة التي تمنحنا إياها الطبيعة، وتذكرنا كذلك بأن الوفرة التي نؤمنها نحن لأنفسنا من خلال عملنا ومهاراتنا هي أيضاً مهمة ويجب أن لاننساها.
نحن، كفرات، لم ولن ننسى إخوتنا الذين شاركوا بعقولهم ومهاراتهم وبذلوا عرقهم وجهدهم في سبيل خلق هذه الوفرة لنا، حتى ولو بعد تقاعدهم. فنحن في فرات نعتبر أن ذلك واجب علينا لأن حلقات الوفرة ابتدأت بهم، وهم الذين قاموا بإنتاج أول حلقات الوفرة في فرات، واخوتنا الذين جاؤوا من بعدهم أضافوا، وسوف يستمرون في إضافة عُقَدٍ جديدة لحلقة الفيض والوفرة لدى فرات؛ بهذه الطريقة، فإن كل جيل سوف يتابع ويستمر بالعطاء دون أن ينسى الجيل السابق ويصبح بالتالى أقوى وأكثر إنتاجية.
ضمن هذه المفاهيم فإن "شجرة عمال فرات" هي "شجرة الفيض" بالنسبة لنا، وهي تعكس حياتنا المشتركة وتحمل علاماتنا الفارقة وأخلاقياتنا. والأكثر أهمية في ذلك أنها سوف تتشكل رمزاً للأمانة والإخلاص اللذين سوف يحافظان على اخوتنا وأصدقائنا، الذين أمدوا فرات لسنين عديدة بهذا الفيض، أحياءً في وجداننا وذاكرتنا!
لقد صنعنا "شجرة عمال فرات" من منتجاتنا التي لانزال نصممها وننتجها منذ سنين عدة، وإن أياً من اخوتنا في فرات يمكنه أن يرى موقعه على الشجرة، وكذلك أن يرى ويشعر بمواقع زملائه ....
إن كلمة "عمال" في فرات تشمل جميع تنظيمات الإنتاج، البيع، التوزيع والبائعين المعتمدين. وضمن هذا الإطار فإن كلمة "عمال" تعني، بالنسبة إلينا الإنسان، المعرفة، التقنية، الإبتكار، حب العمل وإرادة النجاح.
إن "شجرة عمال فرات" هي شجرة تبجيل تعبر عن الإحترام والمحبة بين الأجيال المتعاقبة؛ إنها تعبر عن امتناننا وعرفاننا بالجميل لأولئك الذين خلقوا "فيض فرات".